الثلاثاء، 26 مارس 2019

حرية التدين.!!!


" حرية التدين" 
يبلغ عدد سكان العالم " ٧،٠٩٥،٢١٧،٩٨٠ " نسمة حسب إحصائية عام ٢٠١٣م جاء ترتيب الديانات فيها كالتالي: 
الأولى: المسيحية حيث بلغ عدد اتباعها ٢،٣ مليار شخص، ثم الإسلام ١،٨ مليار شخص، ثم الهندوسية ١،١ مليار شخص، و ٥٠٠ مليون بوذي، وهناك ٨٥ مليون يتبعون الديانة السيخية، و١٤ مليون يهودي،و ١.٢ مليار ليس لديهم ديانة ولا يمارسون أي طقوس دينية. وبلغ عدد الأديان عبر التاريخ ١٠٠٠٠ ديانة. 
ورغم ما في هذه الاحصائيات من صواب أو خطأ  إلا أنها تظل أرقام تقريبية لا يُعلم مدى دقتها كما أن جعل المسيحية الديانة الأولى عالميًا له ما له وعليه ماعليه إذا علمنا أن من وضع هذه الأحصائيات من غير المسلمين. 
ومع هذا التنوع وتعدد الديانات عبر التاريخ يظن بعض الناس جهلًا منهم أن كل إنسان موجود على وجه هذه البسيطة له الحرية في أن  يختار الدين الذي يراه مناسبًا له ولتوجهاته وميوله ! وقاد هذا الفهم الخاطئ إلى مفسدة أعظم ألا وهي الخلط بين التعامل مع غير المسلم وحرية التدين، مع ما بين المصلحين من بون شاسع لا يخفى على كل ذي لب وعقل حصيف، وبُنيت على هذا الأمر مفاهيم مغلوطة  مثل: حوار الأديان! وتسامح الأديان! الحرية الدينية وهلم جرا ! . 
وفي كل مرة يظهر لنا مصطلح جديد يدندن حول هذا الموضوع الشائك والخطير، وربما غُلف بغلاف مزخرف بغرض التلبيس على الناس مثل: تلاقح الحضارات أو حوار الحضارات ولكن المضمون لا يختلف والقصد واحد وهذا موجود في كل زمان ومكان هناك من يسوق الشهوات إلى سوق الشبهات وينقل الخطوات إلى خِطَطِ الخطيئات ليلبس على الناس أمر دينهم. 
فأما ما يتعلق بحرية التدين فقد قال تعالى: " ومن يبتغ غير الإسلام دين فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" وقال تعالى: " إن الدين عند الله الإسلام"، بل إن من يعتنق دينـا غير الإسلام فقد ظلم نفسه، وأوردها الموارد وقادها للهلاك قال   تعالى : " ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالًا بعيدا"، وقال تعالى:" ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما". 
إذن الإنسان ليس مخيرًا في اعتناق أي دينٍ يراه أو حتى الدين الذي نشأ وتربى عليه غير دين الإسلام،  قال صلى الله عليه وسلم :" ما من مولد إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصارنه"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :" والذي نفس محمد بيده  لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار" 
وهنا يرد سؤال مهم ألا وهو  ما حال من لم تبلغه دعوة النبي صلى الله عليه وسلم! 
والجواب : الناس قسمان قسم بلغته دعوة النبي صلى الله وسلم وهؤلاء إن لم يؤمنوا بما جاء به النبي صلى الله وسلم يدخلون النار بنص القرآن والسنة التي سبق ذكرها. 
والقسم الثاني: من لم تبلغه الدعوة ولم يسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم فحكمه حكم أهل الفترة وهم يمتحنون في عرصات يوم القيامة فمن نجح في الامتحان دخل الجنة ومن عصى دخل النار لأن الله سبحانه وتعالى يقول:" وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وقال تعالى :" وما كان ربك بظلام للعبيد". 
إذن كل ما يطرح من شبهات حول حرية التدين لا أساس له من الصحة، وإنما هي مجرد عبارات منمقة زائفة الهدف منها تضليل  الناس لإخراجهم من الإيمان إلى الكفر و من النور إلى الظلمات  قال تعالى: " ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا حسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير" .  
أما التعامل مع غير المسلم فالمسلمون في هذا الأمر بين شقي نقيض إما جافٍ غالٍ أو متساهل مفرط.  وليت شعري لو علم الناس حقيقة  الأمر وأنه مضبوط بضوابط شرعية  قررها العلماء في كتب الفقه بما يناسب الحال والزمان والمكان وبما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين. 
والتعامل مع غير المسلمين بحسب أقسامهم وهم أربعة :
الأول: المعاهد: وهو من كان بينه وبين المسلمين عهدٌ لمدة معينة أو مطلقة مثل الذين عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبة. 
الثاني:  الذمي : وهو من يدفع الجزية للمسلمين. 
الثالث: المحارب : وهو من يقاتل ويحارب المسلمين 
الرابع: المستأمن الذي أُعطي أمانًا من مسلم. 
ولكل قسم من هؤلاء الأقسام طريقة خاصة في التعامل معهم  يُرجع فيها للعلماء وبحسب المصلحة التي يراها ولي الأمر فلا يحق لكل من هب ودب أن يحكم من تلقاء نفسه أو يعطي حكمًا ليس له فيه  مستند أو دليل شرعي. 
  لذا نجد من خرج عن هذا المنهج أرتكب أمورًا فضيعة ، فمنهم من قام بقتل المعاهد والمستأمن وقد جاء الوعيد الشديد في ذلك  قال النبي صلى الله عليه وسلم :" من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة" بل وصل الجهل ببعض الغلاة أن كفّر المسلمين الذين يتعاملون مع غير المسلمين وأخرجهم من الملة واستباحوا دماء المسلمين كما فعل الخوارج قديمًا والدواعش في عصرنا الحاضر وما قادهم إلى ذاك الا الجهل وتأويل نصوص الشريعة على غير وجهها الصحيح . 
أما القسم الثاني: فهم من تهاون في التعامل مع غير المسلمين فتبعهم وسار في ركبهم إما جهلًا منه أو تخاذلًا وتبعية بحجة التسامح والتعايش ومن صور ذلك مشاركتهم في أعيادهم وحضور مناسباتهم الدينية، وإقرارهم على شركياتهم وبدعهم وضلالاتهم حتى أن البعض من شدة الجهل بالدين وبأحكام الشريعة قال بحرية التدين وأجاز تعدد الأديان . 
والمنهج الصحيح والطريقة المثلى هي اتباع ما جاء في النصوص الشرعية وما قرره العلماء في مظانه. قال تعالى : "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرحوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الضالمون".  
ختاما أرجو من الله أن أكون أسهمت- بقدر المستطاع- في رفع الإشكال والإبهام الذي يكتنف مفهومي حوار الأديان والتعامل مع غير  المسلمين والله الهادي إلى سواء السبيل. 
د/ محمد ين الحسن الشيخي،
١٤٤٠/٧/١٩ هجري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق