الأحد، 24 سبتمبر 2017

مدارسة حول حديث: إن أبي وأباك في النار


http://www.binbaz.org.
ما صحة حديث(أبي وأبيك في النار) وشرحه؟
الجواب:
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :"هذا الحديث صحيح ثابت في صحيح مسلم, عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه جاءه رجل فسأله, وليس في الحديث أنه يهودي, وإنما سأله إنسان والظاهر أنه من المسلمين الذين آباؤهم ماتوا في الجاهلية, أو بعد الدعوة ولكنه لم يسلم, فسأله قال: أين أبي؟ قال: (إن أباك في النار)، فلما رأى ما في وجهه من التغير قال : ( إن أبي وأباك في النار), يخبره أن الأمر ليس خاصاً بأبيه بل كل من مات على الجاهلية وهو من أهل النار؛ لأنه مات على كفره بالله إلا من ثبت أنه من أهل الفترة ولم تبلغه رسالة ولا دعوة فهذا أمره إلى الله، لكن حكمه في الدينا حكم الكفار حكم الجاهلية لا يغسل, ولا يصلى عليه حكم الجاهلية, لكن إذا كان في نفس الأمر لم تبلغه دعوة ولا رسالة فهذا له حكم أهل الفترات يمتحنون يوم القيامة على الصحيح, فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار، فالحاصل أنه حديث صحيح, لكن ليس فيه أن السائل يهودي فيما أعلم إنما هو من نفس المسلمين الذين مات آباؤهم في الجاهلية, أو بعد ظهور الإسلام لكنه لم يسلم, فقال له النبي: (إن أباك في النار), ثم بين له بقوله إن أبي وأباك في النار؛ لأن والد النبي-صلى الله عليه وسلم-مات في الجاهلية, والنبي حمل لم يولد بعد ذلك, وقيل إنه قد ولد ولكنه صغير جداً, والمشهور أنه مات ونبينا-صلى الله عليه وسلم-حملٌ, ثم ماتت أمه وهو صغير-عليه الصلاة والسلام- ابن خمس سنين أو ست سنين, فالحاصل أن أباه مات في الجاهلية, وهكذا أمه ماتت في الجاهلية, ولهذا قال في حق أبيه: (إن أبي وأباك في النار), والسر في ذلك والله أعلم أنه قد بلغته الدعوة لدين إبراهيم فلهذا حكم عليه بالنار, وأما الأم فقد ثبت عنه-صلى الله عليه وسلم-أنه استأذن ربه ليستغفر لها فلم يأذن له في استغفاره لها, هذا يدل على أن من مات في الجاهلية لا يستغفر له, وله حكم أهل الجاهلية لا يستغفر له, وهو متوعد بالنار إلا من ثبت أنه من أهل الفترة, من كان الله يعلم أنه من أهل الفترة لم تبلغه رسالة, ولا دعوة, ولا علم هذا على الصحيح يمتحن يوم القيامة, فإن أجاب فيما أمر به دخل الجنة, وإن عصا دخل النار". ()
وهذا شرح النووي للحديث.قال رحمه الله:" فيه أن من مات على الكفر فهو في النار ولا تنفعه قرابة الآقربين.
وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو من أهل النار، وليس هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة فإن هؤلاء كانت قد بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء عليهم صلوات الله تعالى وسلامه".
شرح صحيح مسلم:  ج٣ /ص٧٩
[٢٣/‏٩ ٥:١٩ م] أبو بكر صديقي: "كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم واسحاق".
[٢٣/‏٩ ٥:٢٠ م] أبو بكر صديقي: وأحيانا العم برتبة الأب.
[٢٣/‏٩ ٥:٢٠ م] أبو بكر صديقي: والأمر في اختلاف كبير.
[٢٣/‏٩ ٥:٢٩ م] محمد الشيخي: لا قيمة للاختلاف مع صحة النص ووضوحه.
وقول أئمة الحديث والفتوى به.
وهذه الجملة ( الأمر فيه اختلاف). كم تعطل بها من أحكام وكم يرد بها من الحق. وكأنها أية منزلة..
[٢٣/‏٩ ٥:٣١ م] محمد الشيخي: من كان مؤهلا للفتوى أو لديه كلام عالم ثقة مثل هؤلاء فلينقله.. وإلا فلا يضرب الحق بالشبهات.
[٢٣/‏٩ ٥:٣١ م] أبو بكر صديقي: "يدخل من يشاء في رحمته".
[٢٣/‏٩ ٥:٣٢ م] محمد الشيخي: العام لا يقضي على الخاص.. تعرف.. معنى هذا؟
[٢٣/‏٩ ٥:٣٤ م] أبو بكر صديقي: قرأت كلام الشيخ الأمين الشنقيطي , وجاري البحث عن الرسالة..
 محمد الشيخي: قول الشيخ الشنقيطي رحمه الله:  يحتمل أنه يعني إن" أبي " عمه أبا طالب ..أه
لكن هنا نص صحيح صريح.. لا يجوز إبطاله بالاحتمال. ( يحتمل).
ومن قواعد الأصول: أنه متى تطرّق الاحتمال إلى النص أبطل الا ستدال.
والمعني أنه يبطل الاستدلال بهذه الجملة قوله (يحتمل). يعني ليس ثمت نص مؤكد.
ثانيا:
 هذا استدراك على نص صحيح صريح بعمومات. والأصل أن الخاص يقضي على العام. يعني المخصص مقدم على العام.
ثالثا:
  كون الدليل من أحاديث الآحاد لا يؤثر في صحة وقوة الاستدلال به مالم يعارضه نسخ، أو تعذر الجمع بين الأدلة.
ولو لم يستدل إلا بالمتواتر لبطل أكثر الشريعة، كما هو معلوم أن الأحاديث المتواترة أقل من الأحاد
وسأنقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في المسألة في آخر المقال.
رابعا:
الأصل في جواب المفتي أن يكون واضحا لا تورية فيه ولا إيهام ، فهل من البيان إجابة السائل والمستفتي بجواب فيه تعمية وتورية واحتمال. فيقول النبي صلى الله عليه وسلم 'إنّ أبي وأباك" وهو يعني عمه، لِمَ  لَمْ يقل له صراحةإن عمي وأباك في النار. ؟!
خامسا:
الاختلاف في الفتاوى حاصل بين العلماء منذ زمن الصحابة، ولا ضير في ذلك.
لكن ثمت مسألة وهي: ضرب الشريعة بهذه الجملة( المسألة فيها خلاف).
وإبطال هذه الحجة من جهتين:
الأولى:
 ليس كل خلاف معتبر، مالم يكن له حظ من النظر. ( يعني قوة حجة).
الثانية:
 لو تركت كل مسألة اختلف فيها عالمان سواء من الصحابة أو من بعدهم لتركنا كثيرا من الحق بغير دليل.
أقصد أن كون المسألة اختلف جواب العلماء فيها، ليس ذلك مسوغ شرعي لتركها وعدم العمل بها. بل يجب أن يؤخذ بقول من وثق بعلمه وديانته وتخصصه ووضوح حجته.
قال شيخ الإسلام رحمه الله:"  فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: " {أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: إنَّ أَبَاك فِي النَّارِ. فَلَمَّا أَدْبَرَ دَعَاهُ فَقَالَ: إنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّارِ} ". وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: " {اسْتَأْذَنْت رَبِّي أَنْ أَزُورَ قَبْرَ أُمِّي فَأَذِنَ لِي وَاسْتَأْذَنْته فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يَأْذَنْ لِي. فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ} ". وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ قَالَ: " {إنَّ أُمِّي مَعَ أُمِّك فِي النَّارِ} " فَإِنْ قِيلَ: هَذَا فِي عَامِ الْفَتْحِ وَالْإِحْيَاءِ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلِهَذَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرَهُ وَبِهَذَا اعْتَذَرَ صَاحِبُ التَّذْكِرَةِ وَهَذَا بَاطِلٌ لِوُجُوهِ: - (الْأَوَّلُ: إنَّ الْخَبَرَ عَمَّا كَانَ وَيَكُونُ لَا يَدْخُلُهُ نَسْخٌ كَقَوْلِهِ فِي أَبِي لَهَبٍ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} وَكَقَوْلِهِ فِي الْوَلِيدِ: {سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا} . وَكَذَلِكَ فِي: " {إنَّ أَبِي وَأَبَاك فِي النَّارِ} " وَ " {إنَّ أُمِّي وَأُمَّك فِي النَّارِ} " وَهَذَا لَيْسَ خَبَرًا عَنْ نَارٍ يَخْرُجُ مِنْهَا صَاحِبُهَا كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَجَازَ الِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَلَوْ كَانَ قَدْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ إيمَانُهُمَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالْخَوَاتِيمِ وَمَنْ مَاتَ مُؤْمِنًا فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لَهُ فَلَا يَكُونُ الِاسْتِغْفَارُ لَهُ مُمْتَنِعًا. (الثَّانِي: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِطَرِيقِهِ " بِالْحَجُونِ " عِنْدَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَأَمَّا أَبُوهُ فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَمْ يَزُرْهُ إذْ كَانَ مَدْفُونًا بِالشَّامِ فِي غَيْرِ طَرِيقِهِ فَكَيْفَ يُقَالُ: أُحْيِيَ لَهُ؟ . (الثَّالِثُ: إنَّهُمَا لَوْ كَانَا مُؤْمِنَيْنِ إيمَانًا يَنْفَعُ كَانَا أَحَقّ بِالشُّهْرَةِ وَالذِّكْرِ مِنْ عَمَّيْهِ: حَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ؛ وَهَذَا أَبْعَد مِمَّا يَقُولُهُ الْجُهَّالُ مِنْ الرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ أَنَّ أَبَا طَالِبٍ آمَنَ وَيَحْتَجُّونَ بِمَا فِي " السِّيرَةِ " مِنْ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ وَفِيهِ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَلَامِ خَفِيٍّ وَقْتَ الْمَوْتِ. وَلَوْ أَنَّ الْعَبَّاسَ ذَكَرَ أَنَّهُ آمَنَ لَمَا كَانَ {قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمُّك الشَّيْخُ الضَّالُّ كَانَ يَنْفَعُك فَهَلْ نَفَعْته بِشَيْءِ؟ فَقَالَ: وَجَدْته فِي غَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَشَفَعْت فِيهِ حَتَّى صَارَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ فِي رِجْلَيْهِ نَعْلَانِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ} ". هَذَا بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ كَانَ آخِرَ شَيْءٍ قَالَهُ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَنَّ الْعَبَّاسَ لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ صَحَّ لَكَانَ أَبُو طَالِبٍ أَحَقّ بِالشُّهْرَةِ مِنْ حَمْزَةَ وَالْعَبَّاسِ فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْعِلْمِ الْمُتَوَاتِرِ الْمُسْتَفِيضِ بَيْنَ الْأُمَّةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ أَبُو طَالِبٍ وَلَا أَبَوَاهُ فِي جُمْلَةِ مَنْ يُذْكَرُ مَنْ أَهْلِهِ الْمُؤْمِنِينَ كَحَمْزَةِ وَالْعَبَّاسِ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَ هَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ. (الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ} - إلَى قَوْلِهِ - {لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} الْآيَةَ. وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} . فَأُمِرَ بِالتَّأَسِّي بِإِبْرَاهِيمَ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ؛ إلَّا فِي وَعْدِ إبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ بِالِاسْتِغْفَارِ. وَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلمَ   " .
الفتاوى  ‏‏4/ 325, 327