الأربعاء، 24 يوليو 2019

الطائف وبئس المصيف!


· جلس أحد علية القوم في قصره بالطائف في حديقة منزله الجميلة المتزاحمة بالأشجار المتمايلة وأمامه مائدة عامرة بأنواع الفواكه والورود ، وهو يحث على السياحة الداخلية ويحذر من السفر للخارج ، وهذا مفهوم ومقدر إن كان الخطاب موجهًا للأثرياء القادرين ولكنه غير واقعي للمواطن العادي.
· نسمع عن فواكه الطائف وورده ، ولكن إنتاجها غير تجاري بدليل غلاء سعرها مقارنة بالسوق ، حيث تفيض بساتين المدينة المنورة بالعنب الأحلى طعمًا والأرخص سعرًا والأطول عمرًا ، ويصلنا رمان اليمن بوفرة بحيث يزاحم المنتج المحلي ويبعده عن المنافسة ، وهكذا لو تحدثنا عن فواكه تبوك وكيف كفت السوق عن الاستيراد.
· أما الورد الطائفي فهو كالغول والعنقاء والخل الوفي ، نسمع به ولا نراه فهو عاجز عن الوجود في السوق المحلي فضلاً عن تصديره.
· غلاء السكن غير طبيعي وغير مبرر وغير ممكن تحمله بعد هذه السنوات الطويلة من وعود توطين السياحة حيث (500) ريال لليوم الواحد سعر شقة قذرة ، أما إذا أردت سكنًا كريمًا فلا يقل عن (1000) ريال هذا إن وجد ، وينسحب هذا الجشع على ملاهي الأطفال ومتنزهاتهم ، صحيح أن الموسم عمره قصير ولا حرج في زيادة الأسعار ولكن ليس بهذا العنف والعداء.
· إذا أراد سكان مكة المكرمة وجدة التحايل على غلاء السكن فإنهم يعمدون إلى قضاء يوم أو يومين مشردين تحت الجسور وعلى أرصفة الشوارع قرب هدير السيارات أو زحام الشباب وإزعاجهم للعوائل ، حيث يفاجؤون في الهدا والشفا بأسوار حديدية للمزارع بحجة أنها أملاك خاصة (ممنوع اللمس).
· دورات المياه معضلة للعوائل وامتهان لكرامتهم، فتراهم يتحينون أوقات الصلاة حيث تفتح المساجد دورات المياه، لماذا لا يوجد دورات مياه عامة أو استثمارية ، لماذا يتعمد كثير من المداحين تجاهل مشاكل كهذه والحديث فقط عن المصيف الجميل.
· كما خلق الله الطائف بأجوائه الخيالية من أمطار صيفية وبرودة ممتعة من قرون مضت فلا يحق لأحد أن يتمدح بهذه المزايا ، لأن السؤال ماذا صنع الإنسان للاستمتاع بما خلق الله ، لا شيء، وهذا ينسحب على كل مناطق الجنوب.
· في كل بلدان العالم تجد بيئة جاذبة للسياح إلا هنا فالطرد والإبعاد ، حدث أني سافرتُ للخارج وصعدت بالتلفريك إلى قرية صغيرة جدا في أعالي الجبال ففوجئت بتوفر البنوك والمستوصفات والأكشاك الأنيقة والمطاعم وكل ما يريده السائح.
· لا تجد قومًا يمدحون الطائف إلا ولهم سكن خاص أو قرابة بحيث يكونون مدعومين سياحيًا ، والحديث هنا عن المواطن العادي الذي لا يستطيع قضاء الصيف في الخارج.
· تتحول الطائف والشفا والهدا بعد منتصف الليل إلى مدينة أشباح تتوقف خدماتها (البائسة أصلاً ) إلا قليلاً رغم قصر فترة الصيف.
· يمكن أن تكون الطائف والهدا والشفا والكثير من الضواحي إلى استثمار سياحي راق يمطر ذهبًا ويحقق اكتفاءً سياحيًا ولكن لا حياة لمن تنادي.
· في دول جاذبة للسياحة يحولون مناطق لا تتوفر فيها نصف خصائص الطائف الطبيعية إلى جنة تعج بالحياة ويجد كل أحد بغيته بسهولة ويسر، ويحدثونك عن الترفيه.
… ..
زيد بن حسين الأنصاري

الأحد، 21 يوليو 2019

فائدة قرآنية جليلة..


قد استثنى ربنا عزوجل في القرآن {وعودا} كثيرة وعلقها بالمشيئة الربانية؛

كالإغناء والإجابة والرزق فقال:
{فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء}.
{فيكشف ماتدعون إليه إن شاء}.
{يرزق من يشاء}.
أما وعده لمن شكر فقد ذكره بلا استثناء فقال:{لئن شكرتم لأزيدنكم}.
فلنحمد ربنا سبحانه ولنشكره على كل حال....!؟ 💖
د: عبد الله هلال.

السبت، 13 يوليو 2019

هل التقاعس والاستسلام هو الحل


حوادث وقصص كثيرة حصلت في الأزمنة الغابرة تعطينا دروسًا ربما غفلنا عنها في كيفية مواجهة الظروف الراهنة والحال الذي يفرضه الواقع!
قصة دخول قوم موسى للأرض المقدسة وقتالهم للعماليق وكيف نصر الله المؤمنين وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك.
كفاح الرسول صلى الله عليه وسلم وسلم من بداية الدعوة وحتى تحققت نبوته بخروج الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه.
صلاح الدين وبيت المقدس والانتصار على الصليبين كل ذلك لم يكن ليحدث بعد مشيئة الله وقدره لو أن القوم تقاعسوا ورضوا بالأمر الواقع!
الحياة معركة بين الخير والشر بين الحق والباطل ولا ينتصر الحق إلا إذا أخذنا بالأسباب الجالبة للنصر!
إن من أشد أعداء الإنسان التخاذل والتقاعس والتمني على الله وتزهيد الناس في العمل والنصح بحجة كثرة الخبث!
في عام ٦٥٦ هجري سقطت بغداد واجتاحت جحافل جيش المغول العالم الإسلامي حتى قال الناس زالت بيضة الإسلام وذهب المسلمون وفي بقعة صغيرة وبجيش قليل العدد والعتاد انتصر المسلمون نصرا مؤزوا وعادت قوة الإسلام والمسلمين في معركة عين جالوت!
كل هذه الأحداث تقودنا إلى أن التخاذل والتقاعس والخضوع للأمر الواقع خطأ وخطر عظيم يزيد الأمة وهنا على وهن ويقتل الأمل في أفرادها.
وليس من الحكمة التشاؤم والقعود بل يجب آن نقف صفا واحدا ونواجه الأمور بحكمة وروية هذا في مسجده وهذا مع أهله و هذا في مدرسته وهذا في حيّه وذاك مع أفرد أسرته كل شخص و استطاعته!
لا نريد أن يتسلل اليأس إلى نفوسنا!
علينا أن نواجه الباطل ونعمل بصدق وإخلاص فلن يغير الله ماحل بنا حتى نغير ما بأنفسنا " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا".
……….……………
١٤٤٩/١١/١١
د: محمد بن الحسن

الثلاثاء، 2 يوليو 2019


شماتة الأعداء

كم شامتٍ بـاغٍ بوجهٍ كالـحِ
يأتيك مرتديًا ثيابَ الناصح

ويظلُّ يرقُبُ أن تصيبَك عثرةٌ
فيطـير أُنـسًا كالغـريمِ الرابـحِ

فتراه مثلَ الطفلِ يَبرُق وجهُه
فـرحًا ويطـربه نـيـاحُ النـائــحِ

ومن الغرور تراه يمدحُ نفسَه 
(الله مـيـزني بـعقلي الـراجحِ

ولكم نصحتُ أخي أريدُ نجاتَه 
لـكـنه لـم يسـتجـب لنصـائحي

ولـوَ انه ينصاع لي ويطيعني 
ينجو بفضلي للسبيل الواضحِ

إنْ لم يكن كلبٌ ينابحُ عنكمو
فـأنـا أقـومُ لـكم بِـدَورِ النابحِ)

ويحبُّ نشرَ العيبِ في إخوانه
يمضي يحـدِّثُ كلَّ غـادٍ رائحِ

لا يقبلُ النصحَ الرشيدَ فيرعوي
فــالله مــيَّــزه بـجـهــلٍ طــافــحِ

إن الـشـماتـةَ بالـعـدوِّ مـعـيـبـةٌ 
فعلام تشمتُ بالصديقِ الصالحِ

وشماتـةُ الأعـداءِ نفـثةُ حاقـدٍ 
ومرورها مثلُ اللهيبِ اللافحِ

ومن الصديق كطعنةٍ مسمومةٍ
وأشدُّ من وقعِ المُصابِ الفادحِ

وخيانةُ الخلِّ القريبِ مريرةٌ
وأمـرُّ من بحرٍ أجـاجٍ مالـحِ
_______________

أبو أسامة زيد الأنصاري

__________________________
__________________________
ما أجمل هذه القصيدة التي جاءت في عصر تحتضر فيه القيم والأخلاق، وتعلو منازل الطالحين فوق منازل الصالحين..
ولأن الأرض يرثها عباد الله الصالحين..إلا أن الموازين في هذا الوقت العصيب انقلبت على عقبها وتفككت العلاقات الإنسانية إلا من رحم ربي.. ولأننا في محض حمل الأمانة والرسالة على الأرض..والتي أوحاها رب العالمين لعباده كي نكون في قمة المسؤولية اتجاه تسخير الله الكون وما فيه بغية مصلحة العباد كي يكونوا خلفاء في الأرض صالحين متقين..
فكان من أبسط تكليف الله لنا، أن نكون شتائل للقيم والمبادئ ونثر عبير الأخلاق بين العباد مبتدئين من أنفسنا..لأن كل إنسان هو مرآة نفسه، يعكس سلوكه وأخلاقه عبر أثير المعاملات التي تنشأ من خلال التقارب بين بني البشر..
إن انعكاس نوايا الفرد وأخلاقه تظهر عند الاحتكاك..ومعادن الناس تلمع عند المصاحبة وتبادل المصالح في بؤرة الالتقاء تحت أية قربى أو صلة..فلا نعرف الحكيم حكيماً إلا عند حسن التصرف الذي يستطيع فيه استقطاب القلوب والعقول في ثوب ناصح للتعلم والتطبيق والتنفيذ بما هو أهل للخير وردع مساوئ الأخلاق..كذلك الصديق لا يصبح صديقاً إلا عند الاحتكاك به في السراء والضراء..فيكون وفيا مخلصاً ناصحاً له وليس طعانا هاتكا لستره وعرضه بل حافظا له في أسوأ الظروف وأحلكها..

هذه القصيدة البارعة ذكرتني بشعراء الحكمة والموعظة والقول الرشيد أمثال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه والشافعي رحمه الله عدا عن الشعراء الذين يتخذون من حروفهم ركائز لبناء المجتمعات عن طريق النصح والإرشاد..ولمثل هذه الثلة من الشعراء قليل وجودهم..لأن البيئة اليوم أصبحت في تصفيق حار لأهل الكفر على حساب دينهم ومبادئهم المختلفة..وها نحن نشاهد انقلاب الموازين في أخلاق الناس وكبار العلماء الذين كانوا محل ثقة من الناس انجدهم باعوا مبادئهم وتاجروا بها خوفاً من العباد ومن حكامهم وانزلقوا أسفل سافلين في الحضيض حتى تقربوا من منازل أهل الضياع والكفر والفساد وأصبحوا لهم من الداعمين لضلالهم وكفرهم..

القصيدة تحمل تأويلات ودلالات مختلفة..نستطيع أن نضعها في قوالب مختلفة لمعالجة فئات مختلفة في المجتمع..فنستطيع رصدها في قالب إجتماعي بحت، لمعالجة قضايا المعاملات التي تحدث على الصعيد الاجتماعي العام وعلى الصعيد الفردي الخاص..لتوجيه الأفراد نحو سلوكيات يصلح عبرها الفرد ثم المجتمع..
ثم نستطيع وضعها في قالب سياسي، وما يحمل عدو الله وعدونا من نصائح الماكرين لتمزيق أمتنا لدويلات صغيرة حتى يستطيعون السيطرة على الحكم العربي وحكامنا الذين هم كالدمى يتلاعبون بهم وفق مصالحهم الدنيئة..
لذلك مكر الماكرين والخداع والغدر هي سمات البشر من الأزل..والله سبحانه خلقنا نميز الخير من الشر وكل إنسان حسب درجات فكره وخشيته من الله ودرجة عبوديته لله..بقدر وعيه ونضوجه وإدراكه لسبل الحياة المختلفة بقدر حرصه على رضا الله وحسن تصرفه في نطاق مجتمعه وحرصه عليه ليكون منبتاً حسناً يزهر إنساناً يستثمر فيه الخير ودروب الحق...

لذلك نرى الشاعر بقوة بصيرته وحكمته وبحكم تجاربه الحياتية، أفرز لنا حروفاً جمالية بتراكيب متينة تستحوذ على فكر المتلقي وتذوت فيه معاني النصح الصادق..ونحن بأمس الحاجة لمثل هذه القصائد..لأنها ملح الحياة وتقويماً للسلوكيات والأخلاق..

القصيدة جاءت بين فئة الخير وفئة الشر..بين المنافق وبين الصالح.. بين الحاسد الغيور وبين الصالح، بغية تحقيق المصالح والأهواء..
استخدام مثل هذا الأسلوب الشعري كردع للأخلاق البذيئة..إنما جاء تاجاً على روح الأدب وأهله..
ولا يستعمل مثل هذا الأسلوب إلا العمالقة الكبار الذين يحملون همّ الخلق والأمة..
الشاعر قدم لنا لوحته الإبداعية هذه وهي تمتلئ بالحكم والعبر والمواعظ..وهي تملي علينا بالتشابيه البديعة مثل:

ويظلُّ يرقُبُ أن تصيبَك عثرةٌ
فيطير أنسًا كالغريمِ الرابحِ

فتراه مثلَ الطفلِ يَبرُق وجهُه
فرحًا ويطـربه نياحُ النائحِ

وشماتةُ الأعداءِ نفثةُ حاقدٍ
ومرورها مثلُ اللهيبِ اللافحِ

ومن الصديق كطعنةٍ مسمومةٍ
وأشدُّ من وقعِ المُصابِ الفادحِ

التي من شأنها دعم القصيدة فنياً وقوة في الألفاظ..مما تدل على موقع الشاعر من البلاغة والفصاحة والبراعة في القول..ومنها يفتح الآفاق في التخيل والسبر في أعماق الفكر..ضمن الدلالات التي ارتكزت في تقويم سلوكيات الإنسان وضمن عملية التوجيه في تكوين إنسان صالح يدب على هذه الأرض..فكانت من بلاغتها أنها دخلت النفوس وأثّرت في جدارها مما أشعل جوانبها من التأثر والعمل على إصلاح الذات كعامل النصيحة في زمن أغبر...

فكرة النص مذهلة جداً، استطاع الشاعر أن يوقظ النفس من غفلتها وأن يوقظ عواطف المتلقي بلغته التصويرية وبأسلوبه التشويقي السهل الممتنع..
الشاعر الكبير المبدع الراقي الحكيم
أ.زيد الأنصاري
لله دركم على قلم لا يتنفس ولا يزفر إلا الجمال والإبداع
سعدت جدا بين ظلال وارفتكم وما نثرتم من الوعظ والحكم ما يثلج الصدور..
وفقكم الله ورفع قدركم ومنزلتكم عند الله
وزادكم نوراً وخيراً كثيراً

جهاد بدران
فلسطينية