الاثنين، 16 أبريل 2018

ثاني اثنين..

مئة بيت في سيرة أبي بكر الصديق رشي الله عنه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثـانـيَ اثـنـينِ إذ هـمـا فـي الـغـارِ
فـائتُ الشـأوِ كـالـبراقِ السـاري

ثـانـيَ اثـنـين حين أسـلم شـوقًـا
سـالـمًـا مـن عــبــادة الأحــجــار

ثـانـيَ اثـنـينِ حـين هـاجـر ســرًا
تـاركًـا خـلـفـه أحــب الــديــارِ

ثـانـيَ اثـنـين حين قـام خطـيبًا
وارتـقـى مـنـبـرًا رفــيــع الـمـنـار

ثـانـيَ اثـنـينِ حـيـن ووري مـيـتًـا
في جــوار الـنـبي أكـرمِ جــارِ

ثـانـيَ اثـنـينِ حـيـن نــال مـقـامًا
وجـلالاً كـالصـبح في الإسفـار

ثـانـيَ اثـنـين حـيـن صـلى إمـامًـا
شـرفٌ يزحمُ الـنجـومَ السـواري

فــــأبــى الله أن يــــــؤم ســـــــواه
حـسـبـنـا حـكـم واحــد قـهـار

وإذا شـــــاء أن يــكــون إمـــامًــــا
رضـي المسلمون حكـمَ البـاري

فـي الـتـقى أولٌ وفـي العلمِ بـحرٌ
أولٌ فــي الـــعـــطــــاءِ والإيـــثـــارِ

أول الــداخــلـيــن جــنــاتِ عـدنٍ
كل بـابٍ يــدعــوه بـاسـتـبـشـار

أكملُ الناسِ في الحوادثِ عقلاً
ثـاقـبُ الــرأي مــفــردُ الأفـكـارِ

عند إســلامــه اسـتـجـاب سـريعًا
لـم يــعــانِ مـن كـبـوةٍ أو عِـثـارِ

حـرّم الـخـمـر قبل وحـي وشرعٍ
بل رشـادًا مـنه ومـحـضَ اخـتـيارِ

لازم المصطفى على كل حالٍ
لم يـغـب في الـحـضـور والأسفارِ

فـجـزاه الـحـبـيـب بالــحــب حـبًا
ثــم ســمــاه يــاعـــتــيــق الـــنــار

كان للمصـطـفى أحـب حبـيـبٍ
جاءَ بالنص فـي صحيح ِالبخاري

آيـةُ الـزهــدِ عــبــقــريٌ شــجــاعٌ
أولُ الــمــؤمــنـيـن بـالــمــخــتـــارِ

لـم يـبـالِ الأذى وحــمـلَ الـرزايـا
رجلُ العزمِ والخطـوبِ الكـبـارِ

هــيــن ٌلــيـنٌ، فإن سِـيـمَ خَـسْـفًـا
راحَ ينقـضُّ كالشِّـهـابِ الـواري

وادِعٌ حـتـى يُـسـتــبــاحَ حَــــرامٌ
ينبري مـثـلَ لـيـثِ غـابٍ ضــاري

كـاتـبُ الـوحي مسـتـشـارٌ أمينٌ
كـاملُ الـديـن صـائـنٌ للـذمـارِ

مـــنــعــوه مــن الــصـــلاةِ عـــيــانًا
فـبـنى مـســجـدًا بـســاحِ الـــدارِ

رد مـعـروفَ ابـنِ الـدغـنـةِ طوعًا
مـسـتـجــيـرًا باللهِ خــيـر ُجــوارِ

ذاقَ طــعـمَ الـتـقـى فـهـان علـيـه
ما يــلاقــيـه مـن أذى الــكـفـارِ

وطــــئــــوه بــــأرجــــلٍ ونــــعــــالِ
وأسـالـــوا دمـــاهُ بـاسـتـكــبــارِ

بـــاع لله كـــل غـــالٍ نــفــيـــسٍ
ربــح الــبـيــع ســيــد الـــتــجــار

شـــــهـــــد الله أنـــــه أريـــــحــــيٌّ
لم يُعقه في البذل خوفُ افتقارِ

مــاله كــلـه انقضى صـــدقــاتٍ
وهــبــاتٍ فــنـعـمَ عُـقـبـى الــدارِ

زاد إيــمــانُـه عـلى الــنــاسِ طــرًا
بـيـقــيـن فـي قـلـبـه واعـتـبـــار

ولـه في كـل الـخــطــوب دلـيـلُ
لا يـمــاري في ديـنـه أو يــداري

جـاء جـبـريـلُ لـلـنـبـي بـبـشـرى
هــجــرةٍ لــلـــدار ذاتِ الـــحِـــرارِ

فدعا الصديقَ أن يكون رفـيقًا
وانــتــقـاه مـن ســائــر الأنــصــارِ

فبكى لصحبة النبي ابتاهاجًا
وهــمَــتْ عــيــنُـه بـدمـــعٍ جـــارِ

تـركَ الـمـالَ والـعـيـالَ احتسابًا
لــجــنــان تُــحـــاطُ بـــالأنـــهـــارِ

وغـدا الــغـار لـلـصديقين حصنًا
لــلــتــوارى بـــه عــن الأنـــظـــار

صاحَب المصطـفى لـيثرب حـبًا
وحــمـــاه بـــحــيـــطـــةٍ وحـــذارِ

راح يحمي النبيَّ من كل صوبٍ
مـثـل لـيـثٍ يحوطـه كـالـسـوارِ

يذكـر الرصـد فـهـو بين يديـه
ومـن الـخلـف خـيفـة الأخـطـارِ

ويـــراعـــيــه مـــرةً مــن يــمــيـــن
ويـــراعـــيــه مـــرةً مـــن يـــســـارِ

وتــحـدى الــردى بــعــزم وحــزم
كـجبال عـلت كـموج الـبحار

لــم تــزده الــكــروب إلا ثـبـاتًا
فــتــصـــدى لــهــا بــكــل وقـــار

أطـفـأَ الـنـار فـي الـسـقيـفـةِ لـما
قــامَ بـالأمـــرِ ســيــدُ الأنــصــارِ

ثــار بـيـن الــصــحــابــة خُــلـــفٌ
وتـعـدى الـجـدالُ حـدَّ الــحــوارِ

فانـبرى الصديق فـيهم خـطـيبًا
فـارعوى كــل واهــمٍ مــحــتــار

بـبـيـان جـــلا لـطـيـفَ الـمـعـانـي
وكــســاه الــقـــرآن بــالأنــــوارِ

ثـم قــامــوا عـلـى رضًى وقـبــولٍ
بــــادروه بــبــيــعـــةٍ واعـــتـــذار

جمع َالذكرَ بعدَ أن كانَ شتى
مُسـنِـــدًا أمــرَه إلى خـيــر ِقــاري

وهـو سـمـاه مـصـحــفًا ظلَّ يُـتـلـى
بـجــلالٍ عـلى مــدى الأعـصـــار

قــام زيــدُ بـنُ ثـابـتٍ واثـقًـا فـي
ربـــه ثـــم عـــزمِــــه الـــجــبـــارِ

فــأتــم الــقــرآن َمــن كــل فـــجٍّ
من صـدورِ الـرجـالِ والأحـجــار

مـن رقـاعِ الأديــمِ أو مـن عسـيـبٍ
أو كـرانـيـفِ سـائــر ِالأشـجــارِ

فاستوى مصـحـفًا شــريفًا مـنيـرًا
بـمــــدادٍ مـن بــســـمـة الــنُّـــوَّار

أنفذَ الـجـيـشَ مـع أسـامـــةَ حتى
عتب الصحبُ من ذوي الأبصـارِ

حـارَ أهـــلُ الـعـقولِ والــرأي مـمـا
ركـبَ الـمسـلـمـين من أخـطـارِ

كـيـف يُنفـذ الخـليفـة جـيـشًا
والأعادي محيطة كالـضواري

أججـوا أرض المسلمين اضطرابا
وغــدت فــي مـراجــلٍ مــن نـــارِ

فـــأصـــر الـــصـــديــقُ إلا نــفــاذًا
فــعــجـبـنـا مـن شــدة الإصــرارِ

ونـهـاهم عن قـتل طـفـل وشـيـخ
واقـتـلاع الأشـجار ذات الـثمـار

ومـــن ارتـــــد رده لـــلـــمـــنـــايــــا
كــالــحــاتٍ بــعــزمــهِ الــبـتـارِ

منعـوا إيتـاءَ الـزكـاةِ اعـتـبـاطًـا
واشــرأبَّ الـنـفـاقُ فـي الأمصــارِ

كــفــروا رِدةً وعـــاثَــوا فـســــادًا
روجـوا الفـسق مــن وراء ِســتـــارِ

وأرادوا هــدم الـشـريــعــة جَــورًا
فـاحـتـواهـم بـجـيـشـه الـجــرار

دك بابن الولـيد فـيهـم جـبالاً
لم يــدع في الــديــار مـن ديَّــارِ

أرجَـع الـديـن صـافـيًا فاستنارت
بـالــفــتـوحــات ســائــر الأمـصـار

كسر الفرس فامتلا الروم رعبًا
فــدهـاهـم كالنار في الإعصـار

بالــمـــثــنـى وخــالــدٍ وبــعــمــرٍو
وعَــــــديٍ وعـــــامــــــــرٍ وضِــــــرار

بطــعـان يـفـري نـحـور الأعــادي
وبــضـــرب الـــوجـــوه والأدبـــــارِ

فــأنـاخــتْ لـه الـصـنــاديـدُ ذلاً
حـيـن لاذوا من بـأسـه بالــفـرار

مات لـم يُبـقِ فـي الـخزائنِ مـالاً
أو مــتــاعًـا أو يَــغْــن َمن ديـنـــارِ

عــاش ذا عـفـةٍ ومـات حـمـيـدًا
كل عين بكـته وهي تــواري

والـنبي اصـطـفـاه عـنـه وكيـلا
وأمـــيــر الــحـــجـــاج والــعـــمـــارِ

حِـكـمٌ قـالـهـا فـســارت مــثــالاً
ثم طارت في الناس كل مطـارِ

والـنــبي اعـتـنـى بــقـــدر أبــيــه
فـي حــديـثٍ بــمــسـنـدِ الــبــزارِ

زوَّج الـمـصـطـفى أعـفَّ الصـبايا
فـهـنـيــئًـا لأكـــرمِ الأصـــهــــارِ

لــبـســتْ ثـــوبَ عــفــةٍ وحـــيــاءٍ
سـابـغًا مــن نــعــومــة الأظــفــارِ

بعد دفـن الـفـاروق مع صاحبـيه
سـتـرت مـنه نـفســهـا بـالـخـمـار

خــصـهــا الله بـالــبــراءةِ فـضــلا
وانـتـقى الــطـاهــراتِ للأطــهــارِ

مــلَــكٌ يـقــرأُ الســـلام َعـلـيـــها
أيُّ فـخـرٍ من بعـدِ هـذا الـفَـخَـارِ

مـا لـهـا بـين الـصالـحـاتِ نـظـيـرٌ
عمدة الفقـهِ زينة في الجواري

ذكــرُنا أمَّ الــمــؤمــنــين حــيـاةٌ
مـثلُ مسكٍ من جـونةِ العطـارِ

حــبــهــا ســنــــة ولا يــــزدريــــها
غـيـر أهـل الـخـنـا ونـبـع الـبوار

أمــنــا أم الــمــؤمـنـيـن حَــصـــانٌ
ورزان وخَـــيــــرةٌ مــــن خــــيــــار

بـلـغـت في الـسـخـاء أعلى مـقـام
جُـبـلـت نـفــسُـها عـلى الإيـثـــارِ

رب يـومٍ مـن ابـن عـثـمـان خـيــرٌ
مـن سـنـاءِ الـشـمــوسِ والأقــمـارِ

ما عرفـنـا بعـد النبـيـيـن حَـبـرًا
مــثــلـه فـــاق أعــلـــمَ الأحــبــــارِ

نـال بشرى دخول جنـاتِ عـدنٍ
وعِـداه اخــتــاروا طـريـق الـعــار

كل من أبغـضـوه هانوا وخابــوا
ثـــم بـــاءوا بـــذلــــةٍ وصــــغــــارِ

أيُـعــادى حِـب الـنـبي الـمـزكَّى
فـاستـبــيـنـوا يـا أولـي الأبــصــارِ

أسسـوا دينـهم على الثأر حـقدًا
وبــنَـــوه عــلــى شــــفـــيـــرٍ هـــــارِ

عـــرفــــوا قــــدره ومـــا قــــدروه
حيث كـانوا كـحـامـل الأسفار

صـدقـوا مـا ارتـضَـوه من بـهـتـانٍ
كــذبـوا مـا صــح فـي الأخــبـار

لـو رمَــوا لـعـنـهـم عـلى زنـديـقٍ
عـــاد مــسـتــبــشـــرًا بــــــلا أوزار

لـحـيـاة الـصـديــق فـيـنـا جــلالٌ
بـمـكـانِ الأسـمــاعِ والأبـصــارِ

عـلِّـمــوا الــنــاسَ حــبــه وهــداهُ
لـقِّـنــوه لـلـنـاشـئـيـن الــصـــغــــار

ذكره العذب لـلـحــيــاة حـيـــاةٌ
وشــذاه كــنــفــحــة الأزهــــار

في سبيل الإسلام سـار  حـثيثًا
في جـهــادٍ ودعــوةٍ واصــطــبــار

فســلامٌ عـلى الإمــامِ الـمُـزكَّى
وسـقـى الـقـبـرَ وابـــلُ الأمـطــارِ

و ســلام عـلـــيـه مـن كـل قلبٍ
فاض نورًا كالكوكب السيار

وصـلاةٌ عـلــيــه في كـل حـيـن
وعــلى كـل صــحــبــه الأبــرار
ــــــــــــــــــ
أبو أسامة زيد الأنصاري

الجمعة، 6 أبريل 2018

بشائر الحبيب

سرت البشائر بالحبيب وذكره
سريان طيبٍ  فائح من زهرِه
فبشرعه نلنا المكارم كلها
وتتابعت أمجادنا  في إثرِه
الله يشهد أن أحمد عبدُه
ورسولُه ومبلغٌ عن أمرِه
الله أرسله بدين خاتم
وبنوره سعِد الوجود بأسرِه
لم يشهد الكون الفسيح نظيره
من بعد مولده وسالف عصرِه
وله مقام لم ينله غيره
فالله أقسم في الكتاب بعمره
لم يبدأ التاريخ إلا بعده
فبه تبلج نور صادق فجره
والقلب إن زادت عليه همومه
فدواؤه وشفاؤه في ذكرِه
وبزمزم جبريل غسَّل قلبه
واستلَّ كل سخيمةٍ من صدره
عادَوه واتهموه واجتمعوا على
إيذائه وتمكنوا من حصره
أمضى ثلاث سنين يدعو ربه
متجرعًا جَور الحصار ومره
حتى أحاط بهم فرق فؤاده
وعفا وأطلقهم وهم في أسره
حتام يسخر من كمال محمد
من لا يساوي قطعة في ظفرِه
إن الذي ذم النبي محمدًا
حكم الكتاب بجرمه وبكفره
لله جند يحفظون مقامه
ما ضره مستنكفٌ عن نصره
وإذا أراد الشعر وصف كماله
سيكِلُّ فيض بيانه عن حصره
فمن الثبات غضنفرٌ في غابه
ومن الحياءِ كجؤذَرٍ في خِدره
ولو ان أهل الجود يجمع فضلهم
ما كان حتى قطرةً في بحره
فالكف يهمي غيثه من جوده
والوجه يبرق نوره من بشره
ما زال ينفق ماله حتى استوى
إنفاقه في عسره أو يسره
من لا يحب بأن يرى أُحدًا له
ذهبًا ويؤثر أن يعيش بفقره
ما المسك والكافور والشيح الندي
والعود إلا نفحةٌ من عطره
فضياؤه فاق الصباح بشمسه
وسما على نور المساء ببدره
يا من تولى ربُّه تأديبَه
بخلائقٍ لم تجتمعْ في غيرِه
وكساه بالخلق العظيم جواهرًا
ضاقت بلؤلؤه وخالصَ دُره
تجلو ابتسامته اللآلي في الدجى
لمعت كبرق من ثنايا ثغره
وأتاه محتاج فجر رداءه
حتى بدا أثرٌ له في نحره
أعطاه متبسمًا ولم يسخط ولا
أبدى تبرمه لشدة نتره
أو ما روى أنس بن مالكَ أنه
لم يشكُ من تعنيفه أو نهره
أصحابه يرعَونه بقلوبهم
يتنافسون على حيازة بره
يتقاتلون لأجل فضل وَضوئه
يتسابقون على بقايا شَعره
يتبركون بريقه ونخامه
يتزاحمون على بقايا سؤره
وإذا تكلم خفضوا أصواتهم
من بعد ما عرفوا جلالة قدره
إن المحب إذا ارتقى إيمانه
يفدي النبي بماله وبعمره
يثني عليه بقلبه ولسانه
ويطيعه في عسره أو يسره
وإذا غلا فيه الغلاة بجهلهم
لم يجفُ حقَّ نبيه أو يُطره
ها قد تباعد هدينا عن هديه
حتى تبعنا الضب داخل جحره
ولقد غدونا في هوان دائم
لاهين عنه كسادرٍ في سُكره
لن تستقيم حياتنا إلا إذا
سرنا على سَـنن الصلاح كسَـيره
فدواؤنا وشفاؤنا من ذلنا
أن نستقيم على هداه ونوره
فلعل هذا الجيل يحذو حذوه
مستلهمًا أخلاقه من طهرِه
فالله أرحم راحم بعباده
لا تيأسوا من فضله أو مكره
وختمتَ سِفر الأنبياء وزنته
وكتبتَ آخر نقطةٍ في سطرِه
————-
أبو أسامة زيد الأنصاري