الأحد، 18 فبراير 2018

جنة الدنيا

أفنت لأجلك حسنَها وشبابَها
وفدًى لعينك أتلفتْ أعصابَها

وسقتك ماءَ عيونها مسرورةً
بعنائها لم تشكُ مما نابَــها

حملتك كرهًا دام تسعة أشهرٍ
وهنًا على وهنٍ أطال عذابها

تجد المتاعبَ في رضاك لذيذةً
وتكاد تفقد إن ألمتَ صوابها

لازلت أسكبُ دمعتي متحسرًا
وأتوق لو أني شممتُ ثيابها

قد كان يرضيها القليل فليتني
أعطيتها عمري ونلتُ ثوابها

يا حسرة الأيام يا أماه كم
من نعمةٍ فرطتُ في استيعابها

يا حسرة الأيام يا محبوبتي
لم ألقَ بعدكِ في وفاكِ مشابها

يا حسرة الأيام كم أروتْ فمي
فنهلتُ منها ما ألذ شرابها

يا جنةً لم أرعَ حق ودادها
كم كنتُ أخشى في الحياة ذهابها

من نور عينك أستمد عزائمي
فتهونين وعورها وصعابها

وتغيرت من بعد موتك حالتي
ظمآنَ يتبع في الحياة سرابها

وتبدلتْ دنياي بعدك شدةً
فعدتْ علي وكشرت أنيابها

وغدت صروف الدهر تنهش من دمي
فطفقتُ أزجر كلبها وذئابها

نفسي تذوبُ إذا تجدد ذكرها
يارب فاجبر كسرها ومصابها

أملي بأن ألقاكِ بعد فراقنا
جعل الحياة هنيةً وأطابها

سأظل أدعو الله معتذرًا لها
وأفيض دمع العين إحسانًا بها

يا رب كانت جنتي ففقدتها
والحزن شتت همتي وأذابها

يا رب فارحمها كما تعبتْ معي
واجعل إلى دار الجنان مآبها

يارب هب أمي مقامًا عاليًا
في جنة الفردوس يا وهابها

يارب واجز حبيبتي خير الجزا
يارب واجعل باليمين كتابها
________________

أبو أسامة زيد الأنصاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق