الخميس، 1 مارس 2018

ألا وقت يباع فأشتريه..

قسوتِ عليه حتى تبعديه

ولو أنصفته لم تهجريهِ

ولم ترعَي له عهدًا وثيقًا

وحبًا صادقًا  لم تحفظيهِ

وكم حمَّلتِه عبئًا ثقيلاً

تناساه ُ ولكنْ ما نسِيهِ

ولي  قلبٌ رقيق الطبع شهمٌ

بعيدُ الشأوِ فيما يبتغيهِ

رماهُ الدهر قبلَكِ بالرزايا

فلا سهلٌ ولا جبلٌ يقيهِ

رأى في غيهب الأحداث ربًا

كريمًا يستجيبُ لسائليهِ

فأنشأ في ظلام الليل  يدعو

بصوت المستغيث بمنقذيهِ

ألا وقت يباع فأشـتريـهِ

لأجعل طاعة الرحمن فيهِ

فحق الله في الأعـناق فـرضٌ

ولو أخلصت عمري لا أفيهِ

ملأت صحيفتي إثمـاً وظلمًـــا

وضاع العمر في لهوٍ وتيــهِ

وخـوفي أن أرى يومـاً عصــيبًا

يفر المرء فيــه مــن أخيـهِ

سلي يا نفسُ ما شئتِ فإني

أصمٌ عن سؤالــك لا أعيـهِ

فإن جــوارحي صــارت جميـعاً

لــربــي أتـــقيــه وأرتجيـهِ

هو الشيطان زين للمعاصي

طريقا فاحذري أن تسلكيهِ

ومن يجعله في الدنيا إمامًـــا

جدير أن يلاقيَ ما لقِــيــــهِ

ألم يخرج أبانا من نعيم

حوى كل السرور لناظريه

ومن غير الرحيم لمن عصاه

وهاج الموج وابتلع ابن نوحٍ

ولم ينجيه طود يعتليهِ

نفاه الشرك عن نسب شريفٍ

وصيره غريبًا عن أبيهِ

طغى فرعون في أنحاءِ مصرٍ

فأفسد في البلاد وساكنيهِ

يذبِّح  كالضواري كل طفل

ولا يأسو أباه ولا يديهِ

ويستحيي النساءَ ولا يبالي

كأن الناسَ شيءٌ يمتطيهِ

وقال بأنني المعبود فيكم

تعالى الله عما يدعيهِ

وما أطغى ملوكَ الجَورِ إلا

خنوعُ الناسِ للرأي السفيهِ

ولطفُ الله نجَّى آل موسى

وأغرق فيه كل مخالفيهِ

وصخرٍ بالعصا قد ثار ماءً

تفجر كالفرات لشاربيهِ

وماءٍ بالعصا قد عاد صخرًا

طريقًا يابساً لا ماء فيهِ

ويونس إذ دعا في بطن حوت

ويجأر للإله ويشتكيهِ

فشق دعاؤه ظُلَمًا ثلاثًا

فأدركه المجيب لسائليهِ

كذاك الله لا يرضى بظلمٍ

تعالى عن مثيل أو شبيــــهِ

عجبتُ لمن تلبس بالمعاصي

ولم يتوق عن فعل كـريهِ

فيــمنع خيــره عن مستحق

ويعطي نفسه ما تشتهيهِ

وقد خُتمــت سعادتــه بمــوتٍ

وقبــرٍ مــا درى مــا يحتـويهِ

ويوم يكون عند الموت جسما

طريحــا بين أيدي غاسليـهِ

____________________

أبو أسامة زيد الأنصاري.
١٤٣٤/٤/١٩

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق